ثقافةمقالات

مديات التصعيد الروحي : في النص القراني  ، بقلم د. عبود شلتاغ

فرجال..news

رسائل من القران: 61

(يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ حَرِّضِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ عَلَى ٱلۡقِتَالِۚ إِن يَكُن مِّنكُمۡ عِشۡرُونَ صَٰبِرُونَ يَغۡلِبُواْ مِاْئَتَيۡنِۚ وَإِن يَكُن مِّنكُم مِّاْئَةٞ يَغۡلِبُوٓاْ أَلۡفٗا مِّنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِأَنَّهُمۡ قَوۡمٞ لَّا يَفۡقَهُونَ )
الأنفال : 65
———————————
تبدأ الرحلة الايمانية لدى المسلم بإزاحة الأصر والأغلال التي يمثلها الكفر وقيوده على الروح ، لتنطلق في توقدها وصعودها بعيدا عن المصدات والعقبات ، وليظهر التفاوت بعد ذلك بين المؤمنين ، بين من يستمر في توقده وصعوده ، وبين من يتوقف قليلا ، او يضعف في حلبات الصراع .
ونسبة الواحد إلى عشرة هي الأصل في ميزان القوى بين المؤمنين الذين يفقهون وبين الكافرين الذين لا يفقهون ، كما تشير الاية ، وحتى في أضعف حالات المسلمين الصابرين ، فان النسبة هي 1 إلى 2 (ٱلۡـَٰٔنَ خَفَّفَ ٱللَّهُ عَنكُمۡ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمۡ ضَعۡفٗاۚ فَإِن يَكُن مِّنكُم مِّاْئَةٞ صَابِرَةٞ يَغۡلِبُواْ مِاْئَتَيۡنِۚ وَإِن يَكُن مِّنكُمۡ أَلۡفٞ يَغۡلِبُوٓاْ أَلۡفَيۡنِ بِإِذۡنِ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ مَعَ ٱلصَّٰبِرِينَ)(1) .
فلم يكن هناك ناسخ ومنسوخ ، كما يقول بعض المفسرين ، انما هو وعد من الله للمؤمنين وتصعيد لقواهم الروحية بان يكون الواحد منهم عن عشرة ، وهو اخبار عن حالهم حين نزول القران ولما سيكونون عليه فيما بقي من عمر الدنيا . وان وجدت حالة ضعف فلا اقل من يكون الواحد باثنين .
ولم تكن الاية في معرض احكام الفرار من الزحف ، كما رأى بعض المفسرين ، من حيث متى يكون الثبات ، ومتى يكون الفرار ، وانما يترك الامر للقائد العسكري او السياسي بناء على الواقع ومعطياته . ثم ان الاية تتحدث عن القوى الروحية لدى المؤمن ،
والتي تحرك القوة الجسدية والمادية ، وتسمو على قوانينها ان هي صبرت وتسامت وتعلقت بالمثل الأعلى المنشود .
ان الاية الاولى تتحدث عن الأقوياء 1-10 ، اما الاية الثانية فتتحدث عن الضعفاء بالمفهوم
القراني 1-2 .
ان الذي القول الفصل في هذا المجال هو وضوح الهدف والرؤية لدى المؤمن ، وان حراكه يتناسب طرديا مع عِظَم هدفه ووضوحه في ذهنه ، وكلما كان الهدف عظيما وواضحا كانت التضحيات من اجله عظيمة . ولا اعظم ولا اجل من تلك الجنة التي يورثها الله للعاملين من اجل إعلاء كلمته وسيادة شريعته (2) .
ويمكن إجمال القول في المفهوم القراني ان المؤمن يواصل سيره التكاملي في الصبر والمصابرة والمسابقة والمسارعة والإعداد والترويض ، وان يتسامى في مسيرته ، ولا يرضى بالادنى ، ولا ينسى شعار 1-10 , وان تتضح الأهداف في ذهنه ، وان يمارس التحريض لغيره (يا ايها النبي حرض المؤمنين على القتال .. )
بكل أنواعه ، وبكل وسائله ، حتى يقضي الله امراً كان مفعولا .
——————-
(1) الأنفال : 66
(2) ينظر تفسر الميزان للسيد الطباطبائي ، ج 9، ص 55.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى