ثقافةمقالات

القران الكريم ومنطلقاته بين المغفرة والصبر والظفر

بقلم  . د.شلتاغ عبود

فرجال..news

(وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَٰلِكَ لَمِنۡ عَزۡمِ ٱلۡأُمُورِ ) الشورى : 43
عزم الأمور :
————-
لا يزال القرآن يتحدث بكثافة عن صفات المؤمنين ومراتب هذه الصفات ودرجاتها .
ولعل من أهم هذه الأمور عزائمها وعظائمها مما اوجب الله على عبادة من عقائد الإسلام وفرائضه وأركانه.
وقد وردت كلمة (عزائم الأمور) في عدة سور منها سورة لقمان :
(يَٰبُنَيَّ أَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ وَأۡمُرۡ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَٱنۡهَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَٱصۡبِرۡ عَلَىٰ مَآ أَصَابَكَۖ إِنَّ ذَٰلِكَ مِنۡ عَزۡمِ ٱلۡأُمُورِ)
الاية : 17
ومنها هذه الاية من سورة الشورى ، والتي جاء قبلها حديث عن كثير من صفات المؤمنين ومنها الانتصار بعد الظلم واخذ الحق من الظالمين ، وانه لا احد يلوم صاحب الحق بعد اخذ حقه ، بل سيكون منصورا من الشرع والقانون .
وعلى الرغم من ثناء القران على من ينتصرون لحقهم من الظالمين :
(وَٱلَّذِينَ إِذَآ أَصَابَهُمُ ٱلۡبَغۡيُ هُمۡ يَنتَصِرُونَ ) الشورى : 39 , فانه ترك فسحة إيمانية تصعيدية لمن يصبر ويغفر ، وهاتان الصفتان حين يكونان مقترنتين فهما لمن أصعب الأمور وأشقها ، وهي لمن عزائم الأمور وأرقاها درجة ، وأقربها إلى نيل الدرجات العلى عند الله ، لانها انتصار على النفس الجموحة الراغبة في تحقيق ذاتها من خلال الاقتصاص من المعتدي .
وهناك التفاتة إيحائية نقتبسها من تفسير الكاشف للشيخ محمد جواد مغنية ، وهي ان افضل أنواع
الصبر تحمل الاذى من اجل احقاق الحق واعلاء شأنه ، وان افضل أنواع العفو ماكان سببا للقضاء على الفتن والفساد .
وفي هذا إشارة الى البعد الاجتماعي والحفاظ على قيم المجتمع ومصلحة الامة ، وهذا ما يجب ان يكون مفضلا على مجرد رغبة الفرد في الحصول على الثواب من هذا العفو عن الظالم والمعتدي ، بمعنى ان ننظر إلى المتحقق من هذا العفو ، وما هو مردوده لصالح المجتمع ، فاذا كان فيه ردع للمعتدي وتأديب له ، فهذا ما نبغي ، وان كان العفو مجرد رغبة في الثواب بعيدا عزة الاسلام وقوة الجماعة المؤمنة ، فذلك عفو غير مرغوب فيه !
فالمناط الحفاظ على قوة القوانين التي تحفظ المجتمع وتقوي شوكة الدين ، فاذا لم يكن هناك ضرر يترتب على العفو ، فهناك مندوحة وفسحة واسعة للتسامح والوئام .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى