ثقافةمقالات

عندما يكون الخيال سرابا ،  يخون الامل بغروره الكاذب  …

بقلم..د. شلتاغ عبود

فرجال…news

هذا ما تحكيه الاية القرانية الكريمة..(ذَرۡهُمۡ يَأۡكُلُواْ وَيَتَمَتَّعُواْ وَيُلۡهِهِمُ ٱلۡأَمَلُۖ فَسَوۡفَ يَعۡلَمُونَ)

فالأمل أملان :
الأمل الكاذب ، الامل الذي يتعلق بالخيال والوهم ، ويبحث عن الماء من خلال السراب ، او كبناء الاهرامات التي نبنيها من الرمال ، فسرعان ما تنهار ، او كالجرف الهاري الذي تآكل من تعرية المياه …او كتمثال ذلك الفنان الذي انفق عمره في صناعته واتقان فنه فيه ، و جعل فيه عصارة روحه وآماله ، وشام فيه الحياة والخلود ، ولكنه في النهاية يقف امام تمثاله الحجري الاصم ، في الوقت لم يعد فيه جذوة شباب وصبوة حياة ….لقد هرم ، ووقف امام تمثاله الاخرس ، يندب حلمه الضائع ، لتنتهي الحياة عند اليأس المقهور ، ويمضي القدر في عمله ، دون ان يخضع لقوانين القلب الادمي المحطم ، والأمل الادمي المخدوع ، وهو يردد : لقد ضاع عمري وراء السراب الخادع !!
تلك آمال الناس في الحياة الدنيا ، وذلك هو أملهم الخادع الذي كانوا يلهثون وراءه
ليؤمنوا آخر المطاف بقول من خلقهم : ( وَمَا ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَآ إِلَّا مَتَٰعُ ٱلۡغُرُورِ )(1) .
اما الأمل الصادق فهو الذي يستوحى من قوله تعالى: ( ٱلۡمَالُ وَٱلۡبَنُونَ زِينَةُ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَاۖ وَٱلۡبَٰقِيَٰتُ ٱلصَّٰلِحَٰتُ خَيۡرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابٗا وَخَيۡرٌ أَمَلٗا)(2) , ذلك هو المستقبل الحقيقي ، وليس هذا المستقبل السراب الذي يقول عنه الناس : (اريد ان ابني مستقبلي) ، وليس ثمة مستقبل إلا هناك ، إلى الوطن الأصلي الذي خرج منه الانسان يوم خُلق ، ليعود اليه إذا جعله مستقبله ، وسعى له سعيه !
والأمل الصادق هو في ذلك الرجاء الصادق الذي يراه صاحبه رأي العين ولمّا يره بعد : ( فَصَبۡرٞ جَمِيلٌۖ عَسَى ٱللَّهُ أَن يَأۡتِيَنِي بِهِمۡ جَمِيعًاۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلۡعَلِيمُ ٱلۡحَكِيمُ)(3), والذي كان يبعد عنه 40 سنة ، كما هو الحال مع سيدنا يعقوب ، وهو يرقب عودة يوسف ، بل وعودة اخوته معه جميعا !!
هذان هما الأملان : امل تركض وراءه سرابا ، يلهيك : ( ويلهم الامل )عن ماء الحياة الذي تبحث عنه ليحييك ، وأمل انت تمسك به وهو بعيد عنك ، لانه وعد غير مكذوب ولا واهم ولا خادع ( وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقّٗاۚ وَمَنۡ أَصۡدَقُ مِنَ ٱللَّهِ قِيلٗا)(4).
فاعرف إلى ايّ الأملين انت ناظر ،
والى ايّ الاملين انت ساع وعامل !!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى